محمد حامد (دبي)
«باريس سان جيرمان ليس فريقاً»، هذا ما قاله ريو فرديناند نجم مان يونايتد المتوج بدوري الأبطال قبل 10 سنوات، ومدافع المنتخب الإنجليزي السابق، والمحلل الكروي الحالي، وجاءت هذه التصريحات، عقب سقوط الفريق الباريسي أمام ليفربول بالآنفيلد بثلاثية لهدفين في مباراة مثيرة، شهدت فوز الفريق صاحب الأداء الجماعي، والروح القتالية، وسقوط الغطرسة والشعور بالنجومية الفردية، وشدد فرديناند على أن الحصول على خدمات أفضل النجوم لا يكفي لصنع كيان كروي كبير، حيث تعتمد كرة القدم في الأساس على الجماعية، وانصهار القدرات الفردية لجميع اللاعبين في كيان جماعي واحد يخدم مصلحة الفريق
وعقب هزيمته أمام الريدز، يتواصل سقوط باريس سان جيرمان أمام الكيانات الكروية الكبيرة في دوري أبطال أوروبا، في مشهد يتكرر على مدار السنوات الماضية، ويمتد للنسخة الحالية، حيث يكرر الفريق خطاياه في البطولة القارية، من حيث الاعتماد على أسماء وبريق النجوم الذين لا يقدمون الأداء الجماعي الذي يشفع لهم في البطولة القارية، فقد عانى الباريسي سابقاً أمام القوى الكروية الكبيرة، وعلى رأسها البارسا والريال، ثم تواصلت رحلة سقوطه ولكن هذه المرة أمام ليفربول الذي يقدم أفضل كرة قدم جماعية في أوروبا الموسم الحالي.
وفي فرنسا تفاعلت صحيفة «ليكيب» مع هزيمة باريس سان جيرمان، وقالت: «إن الفريق الفرنسي يسير وحيداً في الآنفيلد»، في إشارة إلى أن النشيد الشهير لجماهير ليفربول الذي يقول: «لن تمشي وحيداً أبداً» تحقق على أرض الواقع بصورة عكسية مع نجوم البي إس جي، فقد قرر كل منهم أن يكون وحيداً، أي بلا روح جماعية، خاصة الثلاثي الهجومي نيمار ومبابي وكافاني، كما أشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء النجوم لم يقوموا بأي أدوار دفاعية طوال المباراة، مما مهد لفريق ليفربول السيطرة على الملعب، والتحكم في المباراة.
وبعيداً عن نغمة الجماعية الباريسية المفقودة في دوري الأبطال، خاصة في المباريات الكبيرة، فقد حصل روبرتو فرمينيو على مكافأة القدر التي يستحقها، فقد سجل هدف الفوز لليفربول في الدقيقة 90 ليقود فريقه لتحقيق فوز مثير وتاريخي بثلاثية لهدفين على ترسانة نجوم باريس سان جيرمان في الجولة الأولى لمرحلة المجموعات بدوري الأبطال الأوروبي، وفي الوقت الذي ينشغل الجميع إعلاماً وجمهوراً بصراع «صلاح - ماني» ورغبة كل منهما في تصدر المشهد التهديفي، وخطف النجومية، يواصل فرمينيو العمل باحترافية وعقلية جماعية وروح قتالية تبهر الجميع، فقد حقق الفريق الإنجليزي 6 انتصارات في 6 مباريات بالبريميرليج ودوري الأبطال منذ انطلاقة الموسم، منها 5 مباريات شهدت تسجيل النجم البرازيلي هدفاً أو صناعة هدف، مما يجعله اللاعب الأكثر تأثيراً في انتصارات الريدز في الوقت الذي يغيب عن واجهات الصحف والمواقع الإلكترونية، وجدل السوشيال ميديا.
ولا يقتصر دور فرمينيو على التسجيل وصناعة الأهداف، بل هو وفقاً للغة الأرقام أفضل قاطع كرات في ليفربول، حيث يعتمد يورجن كلوب على الضغط العالي في منتصف ملعب الخصم، وخطف الكرة، ثم التوجه مباشرة للتسجيل، ويقوم فرمينيو بالدور الأهم في هذه الطريقة، فهو قاطع الكرات والممرر الأفضل في الفريق، ونجح في تنفيذ الضغط على دفاع باريس سان جيرمان في الدقائق الأخيرة للمباراة، مما جعل ليفربول يحقق الفوز بثلاثية لهدفين.
وعلى الرغم من إصابة فرمينيو الخطيرة في العين أمام توتنهام قبل أيام، إلا أنه أصر على المشاركة أمام الفريق الباريسي، وتحدث مع يورجن كلوب المدير الفني للريدز صباح الثلاثاء، أي قبل المواجهة القوية بساعات، وأخبره أنه يستطيع أن يفتح عينه، وهذا يكفيه للمشاركة في المباراة، حتى لو خاضها بعين واحدة، وفقاً لما كشف عنه المدير الفني للريدز، الذي قرر الإبقاء عليه بمقاعد البدلاء، ثم لجأ له قبل نهاية المباراة بعد تعادل كيليان مبابي للفريق الباريسي لتصبح النتيجة 2-2، ولم يخيب النجم البرازيلي ظن مدربه، ليسجل هدف الفوز في توقيت قاتل، ويهدي ليفربول انتصاراً مستحقاً قياساً بأداء الفريق طوال المباراة.
وجاءت احتفالية اللاعب الملقب بـ«بوبي» بوضع يديه على عينه لتحظى بإعجاب الملايين حول العالم، مما جعلها تتصدر واجهات الصحف العالمية، ومواقع السوشيال ميديا، ليحظى فرمينيو بمزيد من الإشادة التي يستحقها، وبدت احتفالية نجم الريدز وكأنها تبعث برسالة للمنافس الباريسي، في إشارة إلى أنه فعلها بعين واحدة، كما أنه أنقذ محمد صلاح من حمى الانتقادات، فقد تسبب النجم المصري بتمريرته الخاطئة في تسجيل البي إس جي هدف التعادل في الدقيقة 83، ليغادر بعدها أرض الملعب، وظهر صلاح وهو يحتفل بهدف فرمينيو من مقاعد بدلاء الريدز، ثم ألقى بقارورة المياه بغضب كبير، تعبيراً عن شعوره بالتعافي من الشعور بالذنب جراء الخطأ الذي ارتكبه، وهو ما فسره البعض بأنه غضب وحزن لنجاح فرمينيو في التسجيل، إلا أن عشاق الريدز دافعوا بكل قوة عن صلاح، كما نشرت صحيفة «ليفربول إيكو» فيديو يوضح لحظات احتفال صلاح بالهدف، مشيرة إلى أن أعداء ليفربول يحاولون عرقلة مسيرة الفريق بمثل هذه الادعاءات.
وأشاد كلوب بأداء وروح فرمينيو، كما أبدى إعجابه الشديد بطريقته المثيرة في الاحتفال بهدف الفوز، مؤكداً أن «بوبي» يتمتع بروح رائعة، ويصنع الفارق دائماً بقدراته الفردية، وروح الأداء الجماعي في الوقت نفسه، وحظي النجم البرازيلي بتشجيع حار في الأنفيلد، فقد جلب للريدز فوزاً مهماً سيكون دافعاً للفريق للذهاب إلى أبعد نقطة ممكنة في دوري الأبطال، وربما يكرر الفريق إنجاز الموسم الماضي حينما بلغ المباراة النهائية، إلا أنه استسلم للخسارة بثلاثية لهدف أمام ريال مدريد.